كل سنة وانتم طيبين غدا تحتفل الكنيسة بتذكار الاحتفال بالصليب المجيد فى كنيسة القيامة حسب سنكسار الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى (17) توت 1740ش.
وأيضا تحتفل كنيستنا بعيد ظهور خشبة الصليب وده العيد الاصلي للصليب في (١٠) برمهات كان اول ظهور لخشبة الصليب علي يد الملكة هيلانة ، الكلام ده كان في القرن الرابع سنة٦٢٦م.
![]() |
وتوجد مناسبتين لهذا العيد :
+ المناسبة الاولي تكريس كنائس القدس اللي وضعت فيها خشبة الصليب او الكنيسة التي
وضعت فيها خشبة الصليب.
+ المناسبة التانية هي اعادة اكتشاف خشبة الصليب
علي يد الامبراطور هرقل الروماني لما الفرس اتوا الي الشرق واخذوا خشبة الصليب واخفوها
في بلاد فارس فالامبراطور هرقل حاربهم وهزمهم واسترد خشبة الصليب .
لماذا الصليب ؟؟؟
الصليب قلب المسيحية ووسيلة الكفارة وموضوع كرازة الرسل وتعليمهم ... العالم لا يفهم قيمة الصليب فكما يقول القديس بولس الرسول أن الصليب كان عثرة لليهود وجهالة لليونانيين ( 1 كو 1 : 23 .)
عثرة لليهود لأنهم لم يصدِّقوا كيف يمكن لميت محكوم عليه بأبشع ميتة، معلق على خشبة علامة اللعنة (تث 21 : 22 -23 ؛ غل 3 : 13 )، ويعتبر نجاسة في إسرائيل، كيف يمكن أن يخلِّص الشعب المختار!
وجهالة لليونانيين (أي غير اليهود والأمم ومنهم الرومان)، إذ لم يصدِّقوا كيف أن إنسان ضعيف في الظاهر مصلوب يمكن أن يحقق الخلاص للعالم!
أما لنا فالصليب هو موضع فخرنا الذي به صُلب العالم لي وأنا للعالم (غل 6 : 14 )، هو سر خلاصنا فعليه أتم السيد المسيح تدبير الفداء وقال بحق "قد أُكمل". هو لنا نحن المخلصين قوة الله. هو "خلاص وحياة أبدية" كما يقول القديس أغناطيوس في الرسالة إلى أهل أفسس – الفصل 18.
ونحن نؤكد إدراكنا لقوة الصليب في طلبات الساعة السادسة، قائلين:
"يا من في اليوم السادس وفي الساعة السادسة سُمرت على الصليب من أجل الخطية التي تجرأ عليها أبونا آدم في الفردوس ... يا يسوع المسيح إلهنا الذي سُمرت على الصليب في الساعة السادسة وقتلت الخطية بالخشبة وأحييت الميت بموتك الذي هو الإنسان الذي خلقته بيديك والذي مات بالخطية ... نسجد لشخصك غير الفاسد أيها الصالح طالبين مغفرة خطايانا لأنك بمشيئتك سُررت أن تصعد على الصليب، لتنجي الذين خلقتهم من عبودية العدو ...".
هذه العبارة تلخص فاعلية الصليب وقصة الفداء والكفارة:
الله هو الذي خلق الإنسان بيديه من العدم، هذا إيماننا وهذه كلمات الوحي الإلهي عن كيفية الخلق وفيها الرد على أي فكر حديث ونظريات عن الخلق سواء نظريات الصدفة أو النشوء والارتقاء من فصيلة آخرى أو غيرها ...
هذا الإنسان أخطأ وأجرة الخطية موت، بهذا صار الإنسان ميتًا. لم يكن يمكن أن يعود الإنسان للحياة سوى بيد من خلقه الذي هو ذاته الحياة والمحيي المعطي الحياة للميت ... والوسيلة كانت الصليب، خشبة الصليب ... وقد صعد إليها بمشيئته ومسرته لكي ينجينا من العبودية ...
كذلك عندما نحتفل بعيد الصليب المجيد نسأل أنفسنا عدة أسئلة ؟
هل كان الصليب تنفيذ لعدل الله؟ ... هل عدل الله يعني غضب الله على الخطية؟ ... وهل الله يغضب؟ ... ولماذا تحمل ابن الله هذا الغضب وهو البار؟ ...
أولاً ... بالفعل كان صليب رب المجد هو تنفيذ لعدل الله.
فعدل الله يقتضي تنفيذ الحكم الإلهي الصادر ضد الخاطئ، وهو الموت، لأن "أجرة الخطية هي موت" (رو 6 : 23 )
وأي قاضي أرضي لابد أن يضع الحكم الصادر منه موضع التنفيذ، فكيف بديان كل الأرض؟! لقد وصف في أكثر من موضع أنه الديَّان: أبونا إبراهيم قال له هذا (تك 18 : 25 )، (مز 50 : 6 ؛ 94 : 2 )،(أع 10 : 42 )،(2 تي 4 : 6 )،(عب12 : 23 )،(يع 5 : 9 ) ...
فهل يسقط حكمه ويتنازل عنه؟ ألا يعني هذا تمادي الخاطئ في الخطأ وتشجيع الآخرين على نفس السلوك؟ وهل الله الصادق يكذب أو يتراجع عن كلمته؟ وهل رحمته تعني أن يسقط عدله ويتغاضى عن حكمه؟
حاشا لله أن يفعل ذلك ... فالعدل والحق قاعدة كرسيه (مز 97 : 2 ) لقد رسم شريعة الذبائح في العهد القديم كرمز ومثال تمهيد لفكرة الفادي، حيث يحمل الحيوان قصاص الخطية بدلاً من الخاطئ لأن "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة" (عب9 : 22 )
ثانيًا هل عدل الله يعنى أنه غاضب على الخطية؟ ... نعم
الله يغضب على الخطية ولكن ليس على الخاطئ لأنه يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون، وهو لايشاء موت الخاطئ مثل أن يرجع ويحيا. والأمثلة كثيرة في الكتاب المقدَّس على غضب الله ... يصفه موسى النبي أنه "نار آكلة، إله غيور" (تث 4 : 24 ) ... ولكنه كان يحذِّر شعبه من غضبه فنراه يقول في (إر 4 : 4 ) "اختتنوا للرب،وانزعوا غُرل قلوبكم ... لئلا يخرج كنار غيظي فيحرق وليس من يطفئ بسبب شر أعمالكم".
ولكنه بطيء الغضب لأن عدله مرتبط دائمًا برحمته.
يقول عن ذاته: "الرب إله رحيم رؤوف بطيء الغضب وعظيم القدرة، ولكنه لا يبرئ البتة ... من يقف أمام سخطه ومن يقوم في حمو غضبه" (خر 34 : 6 ، 7). وفي (خر 22 : 27 ) يقول: "الرب إله رحيم رؤوف بطيء الغضب ... غافر الإثم والمعصية والخطية".
فهل يعني هذا أن غضبه كان في العهد القديم فقط فيظهر عدله في صورة إله قاس منتقم، أما في العهد الجديد فهو إله رحوم محب؟!!!!
إن هذا خطأ لأنه يعني القول بإلهين مختلفين، إله العهد القديم وإله العهد الجديد ... أو يعني الفصل بين صفات الله وعدم تكاملها في كل الأوقات، ففي العهد القديم كانت له صفة العدل خالية من الرحمة، وفي العهد الجديد صفة الرحمة خالية من العدل؟!!! قول خاطئ وغير منطقي. الله "هو هو أمسً ا واليوم وإلى الأبد" (عب 13 : 8) ... الله "ليس عنده تغيير ولا ظل دوران" (يع 1 : 17 )
نراه في العهد الجديد أيضًا إله عادل ...
نري كيف غضب السيد المسيح الابن القدوس وغار على بيت أبيه فقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام، وقال لهم: "مكتوبٌ بيتي بيت الصلاة يُدعى. وأنتم جعلتموه مغارة لصوص!" (مت 21 : 12 ، 13 ؛ مر 11 : 15 - 17 ) ...
بل كما يقول القديس يوحنا أنه صنع سوطًا من حبال وطرد الجميع من الهيكل وكب دراهم الصيارفة وقلب موائدهم، وقال لباعة الحمام ارفعوا هذه من ههنا! لا تجعلوا بيت أبي بيت تجارة! فتذكَّر التلاميذ أنه مكتوب "غيرة بيتك أكلتني"" (يو2 : 15 - 17 ) ...
فإذا كان ابن الله غضب من أجل بيته وبيت أبيه، أفلا يغضب الله على الخطية. ولكن نلاحظ أن في
غضبه كان يعطي تعليمًا "بيتي بيت الصلاة" ... لا تجعلوا هذا البيت بيت تجارة ... هذا هو غضب الله. فيه تحذير وتعليم وتوبيخ وتأديب من أجل خلاص البشر ...
وقد حذَّر السيد المسيح من خلال الأمثال وغيرها من هذا الغضب موضحًا العقاب الذي ينتظر الأشرار.
في مثل العبد الردئ يحذِّر الأشرار من الظلمة الخارجية والعذاب الأبدي (مت 24 : 50 ، 51 ؛ 25 : 46 ) ... كما يوضح كيف أنه سيرسل ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم ويطرحونهم في أتون النار (مت 13 : 41 ،42 ) ...
وكيف سيقول للذين عن اليسار "اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعَّدة لإبليس وملائكته" (مت 25 :41 ). نراه أيضًا يوبخ الفريسيين والكتبة (مت 12 ، 15 ، 17 ...)
وإذ لم يجد منهم استجابة للتحذير يقول الكتاب: "فنظرإليهم بغضب حزينًا على غلاظة قلوبهم" (مر 3 : 5 )
والقديس بولس الرسول أيضًا يحذِّر قائلاً "مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي" (عب 10 : 31)؛ "لأن غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس وإثمهم" (رو 1 : 18)
أما في سفر الرؤيا فهو ينذِّر من يسجد للوحش وصورته بأنه "سيشرب من خمر غضب الله المصبوب صِّرفًا في كأس غضبه ويعذَّب بنار وكبريت" (رؤ 14 : 10 ) ...
هناك أيضًا الملائكة السبعة الذين يسكبون جامات غضب الله على الأرض (رؤ 16 : 1 - 3 .)
هكذا فإن الغضب عند الله ليس كما هو عند البشر مشاعر وانفعالات قد تؤدي إلى أحكام غير محسوبة ...
الغضب عند الله هو تعبير عن رفضه للخطية والشر ولأن صفات الله متكاملة فهو قدوس كما هو عادل لذلك لا يحتمل أن يرى الخطية ولا يسمح أن تمتد، كما أنه الحكمة لذلك فأحكامه الصادرة عن رفضه للخطية ليست أحكام غير صائبة
وإنما هي الحق والعدل ومعهما الرحمة أيضًا، لأنه كما تعلمنا رحيم في عدله وعادل في رحمته. هو يحب الإنسان وكطبيب يعالج وكأب يؤدب ولكن في كل ذلك يشفي ويعصب ...
الله في غضبه طويل الأناة لأن كما رأينا الهدف ليس أن يهلك ولكن أن يقود للتوبة والخلاص. فكما رأينا طول أناته في العهد القديم، هكذا نرى في العهد الجديد. فالقديس بطرس الرسول يؤكد قائلاً: "يتأني علينا، وهو لا يشاء أن يُهلك أناس بل أن يُقبل الجميع إلى التوبة" ( 2 بط 3 : 9).
والقديس بولس الرسول أيضًا يقول: "فماذا إن كان الله، وهو يريد أن يُظهر غضبه ... احتمل بأناة كثيرة آنية غضب مهيَاة للهلاك" (رو 9 : 22 ) ... فعلى الرغم من أنها آنية هلاك، لكنه يتأنى عليها ويحتملها لكي تتحوَّل إلى آنية رحمة لمجد الله ...
فلماذا إذًا تحمل ابن الله هذا الغضب وتم تنفيذ الحكم فيه وهو البار الذي بلا خطية؟
إنه التدبير الإلهي الذي جمع العدل والرحمة معًا. فقد بذل الآب ابنه الوحيد وتركه للألم الفعلي لكي يخلِّص كل البشر ولا تهلك خليقته المحبوبة. كان لابد أن يموت الخاطئ وهذا معناه أن يفنى الإنسان الذي خلقه على صورته ومثاله.
فإذا بالعدل والرحمة معًا دبرا أن يرسل الآب ابنه ليأخذ طبيعة بشرية ولأنه غير محدود وبلا خطية يمكنه أن يحمل خطايا كل البشر ويفي بدلاً منه بالدين المطلوب منهم سداده وهو الموت!
إذًا موت ابن الله على الصليب كان استيفاءً للعدل الإلهي برفض الخطية، وتنفيذًا للحكم الإلهي بموت الخاطئ، وتحقيقًا للرحمة الإلهية بإنقاذ الخاطئ وموت الابن الوحيد الإنسان يسوع المسيح عن كل الخطاة من آدم إلى آخر الدهور ...
إن الصليب كما هو تحذير فإنه يعطي رجاء في رحمة الله تجاه البشر ...
+++السلام لك أيها الصليب ... +++