خطاب القديس هيبوليتس عن نهاية العالم - الجزء الثالث
من النصوص الأدبية المسيحية للعصور الأولى ومترجم من النصوص القديمة
(16) بعد ذلك يخبرنا النبي دانيال عن "حَيَوَانٍ
رَابعٍ هَائِل وَقَوِيٍّ وَشَدِيدٍ جِدًّا، وَلَهُ أَسْنَانٌ مِنْ حَدِيدٍ كَبِيرَةٌ"،
وهذا يعني مملكة الرومان، والمقصودة أيضًا بالحديد، حيث ستسحق (مملكة الرومان)
جميع ممالك الإمبراطورية التي كانت قبلها، وستسيطر على كل الأرض. بعد ذلك.
ما الذي بقى لنا لتفسير كل ما رآه النبي، إلا "أصابع القدم، التي كان جزء منها من حديد وجزء من خزف، ممتزجان معًا في واحد" لأنه من خلال الأصابع العشرة للصورة كان يقصد مجازيًا الملوك العشرة الذين خرجوا منها، كما فسر دانيال الأمر أيضًا. لأنه يقول: "كُنْتُ مُتَأَمِّلًا بِالْقُرُونِ، وَإِذَا بِقَرْنٍ آخَرَ صَغِيرٍ طَلَعَ بَيْنَهَا، وَقُلِعَتْ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْقُرُونِ الأُولَى مِنْ قُدَّامِهِ".
وبهذا القرن المنفصل لا يوجد
دليل غير ضِدُّ الْمَسِيحِ الذي سيعيد ملكوت اليهود. والقرون الثلاثة التي يجب
اقتلاعها تعني ثلاثة ملوك، هم مصر وليبيا وإثيوبيا، الذين سيدمرهم في صفوف الحرب.
وسيهزمهم جميعًا، وبسبب كونه طاغية متوحشًا سيثير المحن والاضطهادات على القديسين
ممجدًا نفسه عليهم.
(17) أنتم ترون كيف فسر دانيال لنبوخذ نصر
سلطان الممالك. وترون كيف شرح شكل الصورة بجميع أجزائها، وقد لاحظتم كيف أشار
نبويًا إلى معنى صعود الحيوانات الأربعة من البحر. يبقى لنا أن نشير الى تلك
الأشياء التي قام بها ضِدُّ الْمَسِيحِ على وجه الخصوص؛ وبقدر ما في وسعنا، نعلن
لكم من خلال الكتاب المقدس والأنبياء ضلاله في كل الأرض، ومجيئه الخارج عن تعاليم
الكتاب المقدس.
(18) كما عاش السيد المسيح معنا في الجسد (الذي أتخذه) من العذراء القديسة الطاهرة، وخرج من سبط يهوذا، أعلن الكتاب المقدس نسبه الملكي عندما خاطب يعقوب ابنه (يهوذا) بهذه العبارات: "يَهُوذَا، إِيَّاكَ يَحْمَدُ إِخْوَتُكَ، يَدُكَ عَلَى قَفَا أَعْدَائِكَ، يَسْجُدُ لَكَ بَنُو أَبِيكَ. يَهُوذَا جَرْوُ أَسَدٍ، مِنْ فَرِيسَةٍ صَعِدْتَ يَا ابْنِي، جَثَا وَرَبَضَ كَأَسَدٍ وَكَلَبْوَةٍ. مَنْ يُنْهِضُهُ؟ لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ"تكوين 49: 8-10، لاحظ كلمات يعقوب التي قيلت ليهوذا وتحققت في الرب.
لهذا الغرض، علاوة على ذلك، يعبر يعقوب بنفسه عن فيما يتعلق بضِدُّ الْمَسِيحِ. لذلك كما تنبأ عن يهوذا، هكذا فعل أيضاً بالنسبة لابنه دَان. وكان يهوذا ابنه الرابع. وكان دان أيضاً ابنه السابع. ماذا قال عنه إذن؟ "يَكُونُ دَانُ حَيَّةً عَلَى الطَّرِيقِ، أُفْعُوانًا عَلَى السَّبِيلِ، يَلْسَعُ عَقِبَيِ الْفَرَسِ فَيَسْقُطُ رَاكِبُهُ إلى الْوَرَاءِ" تكوين 17:49. وأي حَيَّة كانت هناك إلا المخادع من البداية، الذي ورد اسمه في سفر التكوين، هو الذي خدع حواء وسحق آدم في عقبه.
ولكن قد يقول قائل أن هذا عن شمشون الذي انحدر من سبط دَان وقضى لشعبه عشرين سنة. ومع ذلك فإن كان هذا الأمر ينطبق جزئيًا على شمشون؛ لكن هذا ينطبق بالكامل على ضِدُّ الْمَسِيحِ. لأن إرميا أيضاً يتكلم بهذه الأسلوب: "مِنْ دَانَ سُمِعَتْ حَمْحَمَةُ خَيْلِهِ. عِنْدَ صَوْتِ صَهِيلِ جِيَادِهِ ارْتَجَفَتْ كُلُّ الأرض. فَأَتَوْا وَأَكَلُوا الأرض وَمِلأَهَا، الْمَدِينَةَ وَالسَّاكِنِينَ فِيهَا" إرميا 16:8.
ومرة أخرى يقول موسى: "دَانُ شِبْلُ أَسَدٍ يَثِبُ مِنْ بَاشَانَ" تثنية 22:33. ولكي لا يقع أحد في خطأ التفكير في أن هذا قيل عن المخلص، دعه ينصت إلى هذا؛ يقول دَان: "شِبْلُ أَسَدٍ". وبتسمية سبط دَان بهذا الاسم فأن ضِدُّ الْمَسِيحِ سيخرج منه، أوضح الأمر تمامًا. لأنه كما ولد المسيح من سبط يهوذا، كذلك فإن ضِدُّ الْمَسِيحِ سيولد من سبط دان. وكما قيل عن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح ابن الله في النبوة كأسد بسبب ملكه ومجده، وبنفس الطريقة أيضاً وصفه الكتاب المقدس ضِدُّ الْمَسِيحِ بأنه أسد، بسبب استبداده وعنفه.
(20) إن المخادع يسعى من كل الجوانب إلى إظهار نفسه مثل ابن الله: المسيح أسد، وضِدُّ الْمَسِيحِ أسد. المسيح هو ملك الأشياء السماوية والأرضية، وسيكون ضِدُّ الْمَسِيحِ ملكًا على الأرض.
ظهر المخلص كحمل، وهو أيضاً سيظهر كحمل بينما هو ذئب بداخله. المخلص كان مختوناً وهو كذلك سيظهر في الختان. أرسل المخلص الرسل إلى جميع الأمم، وبنفس الطريقة سيرسل رسلًا كذبة. جمع المسيح الخراف المشتتة، وبنفس الطريقة سيجمع الناس المشتتين من العبرانيين. أعطى المسيح لأولئك الذين آمنوا به الصليب الكريم والمحيي، وبنفس الطريقة يعطي آياته الخاصة. ظهر المسيح في صورة إنسان، وبنفس الطريقة سيخرج في صورة إنسان. قام المسيح من بين العبرانيين، وسوف يقوم ضِدُّ الْمَسِيحِ من بين اليهود. أظهر المسيح جسده
(21) فنحن نتعلم من خلال الكتاب المقدس مجيء
المسيح والمخلص، وكان ظهوره الأول في الجسد والعار، لأنه ظهر في حالة وضيعة. لذلك
يُعلن مجيئه الثاني في المجد؛ لأنه سيأتي من السماء بقوة وملائكة ومجد أبيه. في
مجيئه الأول كان يوحنا المعمدان سابقاً له؛ وفي مجيئه الثاني سيكون في حالة المجد
وسيظهر أخنوخ وإيليا سابقين له.
هوذا أيضاً لطف الرب مع الإنسان؛ كيف حتى في الأزمنة الأخيرة يظهر رعايته للبشر ويشفق عليهم. لأنه لن يتركنا حتى في ذلك الوقت بدون أنبياء، بل سيرسلهم إلينا لتعليمنا وتأكيدنا، ولجعلنا ننتبه لظهور المقاوم.
كما أشار أيضاً دانيال إلى قدومه في قوله: "وَيُثَبِّتُ عَهْدًا مَعَ كَثِيرِينَ فِي أُسْبُوعٍ وَاحِدٍ، وَفِي وَسَطِ الأُسْبُوعِ يُبَطِّلُ الذَّبِيحَةَ وَالتَّقْدِمَةَ" دانيال 27:9، لأنه يشير (أسبوع واحد) إلى ظهورات السنوات السبع التي ستكون في الأوقات الأخيرة. وسيتخذ النبيان نصف الأسبوع ليعلنوا للعالم كله قدوم ضِدُّ الْمَسِيحِ، أي لمدة "أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا، لاَبِسَيْنِ مُسُوحًا"رؤيا يوحنا اللاهوتي 3:11 .
وسيعملون على صنع الآيات والعجائب بهدف جعل الناس يخجلون ويتوبون، حتى بهذه الأمور سيتهمهم الناس بعدم تقواهم ومخالفتهم للكتاب المقدس.وأن جرحهم أحد تخرج نار من أفواههم وتأكل أعدائهم. هؤلاء لديهم القدرة على إغلاق السماء، حتى لا تمطر في أيام مجيء ضِدُّ الْمَسِيحِ، ويحولون المياه إلى دم، ويضربون الأرض بكل الضربات قدر ما يشاءون (رؤيا يوحنا اللاهوتي 11: 5-6.)
وعندما يعلنون كل هذه الأمور يسقطون بالسيف بواسطة المخادع. ويتممون شهادتهم كما قال دانيال (لأنه توقع أن يحارب الوحش الذي صعد من الهاوية، أي مع أخنوخ وإيليا ويوحنا، ويغلبهم ويقتلهم، بسبب رفضهم إعطاء المجد للوحش (أي ضِدُّ الْمَسِيحِ. أي القرن الصغير الذي نبت). وهو يرتفع في قلبه ويبدأ في النهاية في تعظيم نفسه وتمجيد نفسه كالله، مضطهدًا القديسين ومجدفاً على المسيح.
👈👈👈 للدخول الى الجزء الأول من الخطاب اضغط هنا
👈👈👈 للدخول الى الجزء الثانى من الخطاب اضغط هنا