آخر الأخبار

لماذا الطقوس في كنيستنا الأرثوذكسية

  أولا معني كلمة طقس

ترجع إلي الكلمة اليونانية (تاكسيس)، ومعناها ترتيب أو نظام. وعلم الطقس هو العلم الباحث في الترتيبات والنظم الروحية التي يجب مراعاتها في العبادة المسيحية.

الأنبا شاروبيم- مطران قنا وقفط


ثانيا أهمية وضرورة الطقوس

+ من حيث أنها نظام وترتيبات +

فالنظام أمر طبيعي لا تستقيم الحياة بدونه، كل شئ نافع ومفيد لابد أن يتوفر فيه النظام، بل أنه الشرط الجوهري لجميع أعمال البشر حتى تكون أعمالا نافعة وتحقق أغراضها التي ترمي إليها. فعندما يختل النظام في أمر من أمور الحياة المادية أو الروحية أو الاجتماعية يدركها الفساد والخلل. ومن أمثلة ذلك:

أ. النظام في الطبيعة.

ب. النظام في جسم الإنسان.

ج. النظام في الجيش.

د. النظام في المجتمع.

ه. النظام في الكنيسة.

فإن النظام هو شرط أساسي لتحقيق النجاح ، وهو صفة من صفات الله فى خلق الكون بكل تفاصيله ، فكيف لا تكون الكنيسة وهي  ملكوت الله علي الأرض منظمة منسقة؟! . وإن كان النظام ظاهرة في الخليقة الجامدة فكيف لا يكون في الخليقة الناطقة؟!

وإن كان في جسم الإنسان فكيف لا يكون في جسد المسيح الذي هو الكنيسة المقدسة؟!

فالطقوس إذن من حيث هي نظم وترتيبات رو حية هي أمر لا مفر منه في كنيسة المسيح وقد أبان الله ضرورة النظام

في كنيسته فى العهدين القديم والجديد .


الأنبا شاروبيم- مطران قنا وقفط


في العهد القديم:

+ كان الكهنوت محصورا فقط فى سبط لاوى "قدم سبط لاوي وأوقفهم قدام هرون الكاهن وليخدموه، فيحفظون شعائره وشعائر كل الجماعة قدام خيمة الاجتماع. ويخدمون خدمة المسكن. فيحرسون كل أمتعة خيمة الاجتماع.. فيُعطَى اللاويون لهرون ولبنيه. إنهم موهوبون له هبة من بني إسرائيل. وتوكل هرون وبنيه فيحرسون كهنوتهم، والأجنبي الذي يقترب يقتل" عدد 3: 5-10

+ جعل للعبادة نظامً خاصا بوجوب أتباعه. وذكر نظام العبادة بتفاصيله في أسفار الخروج واللاويين والتثنية.


في العهد الجديد:

السيد المسيح سلم تلميذه القديسين نظام العبادة وأسس بنفسه الأسرار المقدسة.

+ أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطي التلميذ وقال: "خذوا كلوا هذا هو جسدي، وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلا "أشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا"مت 26 : 26 - 28 

+ قبل صعوده إلى السماء : "أذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" مت 28 : 19 ، 20 

+ ويقول كاتب سفر أعمال الرسل: "الكلام الأول أنشأته يا ثاوفيلس، عن جميع ما ابتدأ يسوع يفعله ويعلم به إلى اليوم الذي أرتفع فيه بعد ما أوصي بالروح القدس الرسل الذين اختارهم الذين آراهم أيضا نفسه حيا ببراهين كثيرة بعد ما تألم، وهو يظهر لهم أربعين يوما ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله" أع 1 :1-3

+ ويقول ايضا القديس بولس الرسول "لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضا: إن الرب يسوع في الليلة التي أسلم فيها، أخذ خبزا

وشكر فكسر، وقال: «خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لأجلكم. اصنعوا هذا لذكري».كذلك الكأس أيضا بعدما تعشوا، قائلا: «هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي. اصنعوا هذا كلما شربتم لذكري». 1 كو 11 : 23 - 25 

+ القديس بولس الرسول تكلم عن مراعاة النظام والترتيب داخل الكنيسة :

أ. ليكن كل ش يء بلياقة وحسب ترتيب"  1 كو 40:14 

ب. أما الأمور الباقية فعندما آجئ أرتبها"  1 كو 34:11 

ج. نطلب إليكم أيها الأخوة أنذروا الذين بل ترتيب"  1 تس 14:5 

نوصيكم أيها الأخوة باسم ربنا يسوع المسيح أن تتجنوا كل أخ يسلك بل ترتيب وليس حسب التقليد الذي أخذه منا"  1 تس 6:3 

ومن خلال الآيات الأقوال السابقة نجزم :

- إن الله القدوس يشترط لتدبير أمور الكنيسة النظام والترتيب، ويأبي أن تكون الكنيسة فوض ي بل نظم أو قوانين تضبطها لأن الله ليس إله تشويش بل إله سلم ( 1 كو 23:14 )

- وإذا كانت النظم ضرورية طبيعية وهي دليل وجوده وطابع تدخله في تدبير الكون والإنسان والطبيعة كلها، فأن الطقوس بوصفها نظم الكنيسة ولنمو الحياة الروحية. بحيث إن خلت الديانة من الطقس والنظم خلت من أصبع الله، ولم تعد مناسبة لعبادة الله

+ الطقوس ممارسات خارجية للعقائد الإيمانية +

+ العقيدة أو الإيمان ثقة باطنية بحقيقة روحية غير مادية،تشعر بها النفس شعورا باطنيا داخليا وتثق بوجودها وتؤمن بصحتها

+ لكن الديانة ليست أمورا خفية داخلية فقط بل هى ممرسات خارجية (عبادة) مبعثها الدوافع الباطنية والحقائق الإيمانية، وهذه الممارسات الخارجية هي الطقوس التي تدل في مظهرها علي الإيمان الداخلي.

+ فالإيمان بوجود الله عقيدة، لكن الاعتراف به مظهر وعبادته ليس عقيدة بل طقس، لذا نسمي الصوم والصلاة والصدقة طقوسا.

+ الإيمان بالتناول أنه جسد حقيقي ودم حقيقي ربنا يسوع المسيح عقيدة، إنما صلوات القداس التي يتم فيها التقديس والتناول من هذا السر الطاهر هي الطقوس.

فالطقوس إذن هي نظم روحية وترتيبات كنسية يؤديها المؤمن في الظاهر معلنا بذلك حقيقة إيمانه وطاعته لله وخضوعه لوصاياه وقوانين كنيسته.

لما كانت الديانة الحقيقية تقوم علي الأساسين الباطني والظاهري وكانت الطقوس هي التعبيرات الظاهرة عن العقائد الإيمانية الباطنية، فمن ثم يلزم أن تكون للديانة طقوس، بحيث أن ديانة بل طقوس هي ديانة ناقصة أو ليست ديانة علي الأطلاق.

+ الطقوس تقرب إلينا حقائق الديانة العالية +

تفيد الطقوس الكنسية في تقريب حقائق روحية سامية إلي أذهان المؤمنين، فمثلا ك

+ مسح القربان بالماء يذكرنا بعماد السيد المسيح.

+ وضع القربانة في الصينية وتغطيتها بالبروسفارين ووضع لفافة مثلثة فوق كل هذا يقرب إلينا قبر السيد المسيح وما وضع عليه من حجر وأختام.

+ غسل الأرجل في قداس خميس العهد يقرب لنا حقيقة التواضع المسيحي.


+ الطقوس ممارسات خارجية تطبع فى النفس أثراً لا يمحى +

+ فالطقوس تنفذ إلي النفس الإنسانية في سهولة ويسر، وتطبع فيها أثرا لا يمحي، يبقي ويدوم أبدا.

فإن ما تتأثر به الحواس ينتقل في وضوح وقوة إلي النفس، فيثبت في الذهن ويرسخ في النفس بحيث لا ينسي ولا يمحي.

+ فالطقوس تقدم المعاني الروحية في مظاهر مادية تجتذب انتباه الحواس وتشبع رغبتها ولذتها باستخدامها واستغلالها فيما خلقت لأجله، فليس الملل الذي يصيب البعض منا إلا نتيجة مباشرة لعدم اشباع حواسنا بما تتوق إليه وترغبه.


+  الطقوس وسيلة مناسبة لإشراك الجسد مع الروح في العبادة +

فأن صلينا وخضعنا بالروح التي تفكر وتتأمل في الله وتتجه نحو الله ، فيجب أن نصلي ونخضع بالجسد أيضا فيقف ويسجد في خشوع واحترام، واللسان ينطق بألفاظ الصلة في حكمة وإتزان ووقار.

وإذ عبدنا الله بأرواحنا في الصلة، فيجب أن نعبده بأجسادنا في الصوم.

فالطقوس هي الوسيلة التي يشترك بها الجسد مع الروح في عبادة الله كما يقول معلمنا بولس الرسول: "أطلب إليكم أيها الأخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله، عبادتكم العقلية" رو 1:12 

+ الطقوس وسيلة ناجحة تنقل الديانة للجميع +

- للأطفال الذين لا يفهمون لغة الوعظ أو الصلة، لكنهم يفرحون بالكنيسة والقداس والألحان.

- لمحدودي العلم والثقافة، البسطاء، الذين بممارسة الطقوس تثبت لديهم حقائق الإيمان والعقيدة.

- للبعيدين عن الحياة الكنسية الفاترين، فزيارة الكنيسة أو حضور قداس في مناسبة ما، يجدد العواطف ويشحذ الهمم ويجعلنا مشحونين بالنعمة جادين في طريق الخلاص.

+ الطقوس تثبت أسس الديانة وتنقلها إلى الأجيال التالية +

- فالابن الذى يرى أباه يصلى جاثيا أو واقفا في خشوع لا ينسي هذا المنظر مطلقا

- الطقوس هي حفاظ الدين ورباطه، لولاها تفكك ووهن وأهمل.

- والطقوس تحفظ الديانة من التحريف والتغيير، فهي التي تخلدها وتثبتها علي مر الأجيال.

يقول بعض علماء الاجتماع أن الديانات اليهودية والمسيحية الأرثوذكسية والكاثوليكية أعمق تدينا وأكثر تمسكا بالدين وأشد احتفاظا بوحدته وأعظم ارتباطا ببعضهم البعض من الديانات التي تهمل الطقوس.

واعترف بهذا أحد المشاهير البروتستانتية في أمريكا قائل همال الطقوس في الكنائس البروتستانتية كان من العوامل التي ساعدت إلي تفش ي الإلحاد بين العامة.

ويقول نيافة الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي والدراسات العليا:

"في كلمة واحدة أقرر أن الطقوس هي أعظم ناقل لروح الدين إلي الناس، بدونها تصبح الديانة عقيمة لا قيمة فيها ولا نفع يرجي منها)


إرسال تعليق


أحدث أقدم

نموذج الاتصال